الأربعاء، 3 يونيو 2015

تطبيقات الاتصالات المجانية قد تعتقد أنك الزبون، وفي الواقع أنت السلعة!

تم نشر المقالة في موقع ساسة بوست : الرابط هنا 
كلنا نفضل ما نحصل عليه مجانًا خاصة إن كان ذا خصائص مغرية، وهذا ما حدث عندما قمنا بتحميل ما يسمى بتطبيقات التراسل بالهواتف الذكية (MMA) Mobile Messaging Application التي تقدم- مجانًا – خدمات متميزة تتنوع بين الاتصال الصوتي وإرسال الرسائل والصور والفيديوهات وغيرها من الخدمات.
ولكن نادرًا ما نسأل: ما سر مجانية تلك التطبيقات؟ وما الذي تستفيده الشركات المصممة لهذه التطبيقات والتي تتكبد مصروفات عديدة: رواتب الموظفين وخوادم الأنظمة، وعمليات التطوير، وتوفير التطبيق بأغلب اللغات، وخدمات الدعم الفني؟
وإن كانت أي منظومة تجارية تعتمد على ثلاثة عناصر: العميل والمالك والسلعة، ففي حالتنا هذه:
-أنت لا تدفع ثمنًا ، لذا فأنت لست “العميل”!
– أنت لا تحصل على ثمن، لذا فأنت لست “المالك”!
– فماذا تبقى غير “السلعة” نفسها؟!
وهذا ما ذكره أستاذ قوانين الإنترنت بجامعة هارفارد Jonathan Zittrain :
لو قالوا إنك حصلت من الإنترنت على شيء مجانًا
فتأكد أنك لم تكن العميل ولكنك كنت السلعة 
في الواقع إن كثيرين لم يهتموا بهذا الكلام وكانت ردودهم على هذه التحذيرات من عينة:
– “توفر مبالغ كبيرة كنت أدفعها لشركات الاتصالات الهاتفية”.
-“أستخدم هذه الخدمات للتواصل مع الزملاء والأصدقاء”.
– “ليس لدي أسرار أخاف إفشاءها”.
وبهذا المنطق تنامت تطبيقات الاتصالات المجانية MMA)) خلال السنوات الأخيرة حتى أضحت من أساسيات الاستخدام اليومي لمليارات البشر.
عدد المستخدمين
المستخدمون النشطون يوميًا
الرسائل المتبادلة يوميًا
الإعلانات التجارية
800 مليون
620 مليون
12 مليار رسالة
نعم
800 مليون
320 مليون
50 مليار رسالة
(تشتمل الرسائل الصوتية)
لا
500 مليون
240 مليون
2 مليار رسالة
نعم
560 مليون
205 مليون
2 مليار رسالة
نعم
200 مليون
70 مليونًا
100 مليون رسالة
نعم
180 مليون
90 مليونًا
85 مليون رسالة
نعم
50 مليونًا
15مليونًا
1 مليار رسالة
لا
جدول إحصائيات عن أهم تطبيقات التراسل
وصاحب هذا التنامي ما تعرضت له شركات الاتصالات الهاتفية من ضربات قاسية نتيجة انتقال العملاء لاستخدام تطبيقات MMA المجانية، وقدرت الخسائر التي تعرضت لها شركات الاتصالات العالمية بحوالي 23 مليار دولار من عائدات الرسائل القصيرة فقط في نهاية 2013 م، كما حاولت بعض الدول حظر بعض تطبيقات MMA، فحظرت دول خليجية تطبيق viber بدعوى أنه صهيوني، كما حظرت بنجلاديش ( whatsapp -viber –whatsapp- line) بدعوى استخدامهم في الترتيب لعمليات غير مشروعة!
وسواء جاءت محاولات الحظر لهاجس أمني أو بسبب ضغوط شركات الاتصالات لإنقاذ أنفسها من الخسائر المروعة إلا أن محاولات الحظر فشلت في وقف الزحف الكاسح لتطبيقاتMMA.
وقد سألت- بشكل شخصي – أحد المسؤولين بشركة اتصالات خليجية عن رأيه فقال: “ليس لدينا حل، فقدنا السيطرة ونتعرض لخسائر فادحة، وتحولنا إلى تجارة خدمات توصيل الإنترنت”.
وتطور الأمر حتى صارت منافسة بين تلك التطبيقات نفسها لتحسين الخدمات لجذب العميل أو لمن يظن أنه العميل!
ثم سرعان ما تمت صفقات تاريخية للاستحواذ على تطبيقات MMA كان أبرزها – حتى الآن – حين استطاعت “facebook ” في 2014م أن تستحوذ على WhatsApp مقابل 19 مليار دولار.
  • فما الفائدة التي كسبها facebook من شراء تطبيق مجاني خال من الإعلانات؟!
  • أعَجزتْ facebook ذات القيمة السوقية التي تتعدى 134 مليار دولار، والعائد السنوي الذي يفوق 8 مليارات دولار، وعدد المستخدمين الذي يتجاوز 1,4 مليار مستخدم، عن تصميم تطبيقها الخاص بها، ثم الترويج له تجاريًا لمنافسة WhatsApp، ولم يكن ذلك ليكلفها معشار ما دفعته؟!
  • ماذا اشترت facebook في الواقع؟
    تنطلق محاولتنا لتفسير ما يحدث من حقيقتين:
     1- الحقيقة الأولى: أن هذه المواقع وما ترتبط بها من تطبيقات أصبحت بالفعل جزءًا من العادات والثقافة اليومية لمليارات البشر.
     2- الحقيقة الثانية: أن تلك التطبيقات أصبحت تمتلك قاعدة بيانات هائلة جمعتها من كم خرافي من البيانات الشخصية والصور والرسائل والمكالمات التي قام المستخدمون بتداولها عبرها لاسيما مع (تملص) أغلبها من مسؤوليات حماية حقوق ملكية المستخدمين.
    لدي ثلاثة تفسيرات:

    1-التحول لثقافة:

    يرتكز هذا التفسير على فكرة أن تحاول تعزيز وجود شيء ما في حياة الناس حتى يتحول لعنصر أساسي من الحياة اليومية، جزء لا يمكنك الاستغناء عنه، وأعتقد أن هذه المواقع نجحت في ذلك حتى فرضت نفسها جزءًا من الاستخدامات اليومية، لاسيما بعد أن اجتذبت قطاع الشباب، لقد تحول الأمر لإدمان، ووصل الأمر بالكثيرين للخضوع لعلاج من حالات ما يسمى (إدمان مواقع وتطبيقات التواصل)!
    تحول هذه المواقع إلى ثقافة يومية يمنحها قوة غير ظاهرة ولكنها جبارة. قوة الثقافة اليومية التي تمد يد السيطرة على شريحة الشباب فتستطيع استمالتهم أو توجيههم نحو اتجاهات ما.
    الخطوة التالية – بعد أن تمتلك قوة السيطرة الثقافية على قطاع عريض من الجمهور – تعرض خدماتك لكي يشتريها من يقدرها وغالبًا ما تتصارع الكيانات المسيطرة على عالم الإنترنت على ذلك، حدث هذا عندما تم بيع Instagram ثم WhatsApp لتستحوذ عليهما Facebook مقابل مبالغ خيالية.

    هذا التفسير الأول: السيطرة الثقافية. هل اقتنعتم بهذا التفسير؟
    2- البيع التجاري:التفسير الثاني يميل إلى كون الموضوع تجاريًا بحتًا، فمن المعروف أن مبيعات الإعلانات هو مصدر الدخل الأساسي في facebook وTwitter وغيرها، حيث أعلنت الأولى عن أرباحها المالية للربع الأول لعام 2015م التي وصلت 3,54 مليار دولار، كما أعلنت الثانية عن أرباح في نفس الربع 4,70 مليار دولار، مع توقعات بزيادة الإيرادات في الفترة المقبلة، ومن الطبيعي أن تزيد مبيعات الإعلانات وترتفع قيمتها بزيادة عدد المتابعين للإعلانات.

    هذا التفسير يؤكد على أن هذه التطبيقات والمواقع ما هي إلا طريقة لترويج فكرة تقديم خدمات مجانية بينما في الحقيقة هي طريقة مبتكرة لإعادة كسب المال عن طريق استخراج الكثير من البيانات من المستخدمين، حيث تستطيع تلك المواقع أن تتتبع المستخدم من أجل استهدافه بإعلانات تناسب اهتماماته وبالتالي الاستفادة المالية من بياناته الشخصية حيث يمكن تحديد ما الذي تتصفحه؟ بمن تتصل؟ ما الذي تبحث عنه؟ من أصدقاؤك؟ ما التطبيقات التي تقوم بتحميلها؟ ما الذي تشتريه من الإنترنت؟ ما الذي تشاهده أو تستمع إليه؟ ثم تستخدم كل هذه البيانات لتحصل منها على أرباح هائلة عن طريق بيع تلك البيانات، وبهذا المعنى يصبح المعلنون هم العملاء ومن ثم نجد أنفسنا هنا السلعة التي تُباع وتُشترى.
    هذا التفسير الثاني: الإعلانات التجارية. هل كان مقنعًا لكم؟

    3- الرقابة العالمية:

    التفسير الأخير يخرج من نطاق الثقافة والتجارة إلى نطاق أخطر بكثير بناء على التساؤلات المنطقية التالية:
  • هل تبيع تلك التطبيقات معلوماتنا لمؤسسات استخبارية عالمية؟
  • هل تلك التطبيقات مجرد واجهة لمؤسسات استخبارية تراقبنا جميعا؟
  • هل من الصدفة أن أغلب مؤسسي تلك التطبيقات من اليهود؟ (مارك زوكربيرغ مؤسس facebook – جان كوم مؤسس WhatsApp – سيرجي برين مؤسس جوجل) لماذا يعشق اليهود السيطرة على العالم؟
    الفكرة التي طرحها جورج أورويل في روايته الشهيرة “1985”، فكرة (الأخ الأكبر) الذي يتتبعك في كل مكان.
    وهذا التفسير يكتنفه الكثير من الغموض:
  1. المعلَن لنا أن تلك المواقع يصلنا بالفعل طلبات حكومية (معلنة) للكشف عن حسابات بعض المستخدمين لأسباب مختلفة، مثلاً أصدر facebook التقرير الأول للشفافية “Global Requests Report” 2014م كشف فيه أن 71 دولة تقدمت بطلب الحصول على معلومات يتراوح من 37.954 إلى 38.954 مستخدم.
    أما ما يتعلق بـGoogle فإن خلافات عميقة أعلن عنها الاتحاد الأوروبي على لسان مفوضة العدل Viviane Reding التي قالت: إن التعديلات التي أدخلتها Google على خدماتها الإلكترونية بخصوص سياسة الخصوصية تنتهك القوانين الأوروبية؛ حيث لم يستشر Google أحدًا قبل تطبيق سياسته، كما أن بيانات الأفراد قد تكون في متناول طرف ثالث، وهو ما لم يتم الاتفاق عليه”.
  2. جوليان أسانج المستشار السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكية ومؤسس موقع التسريبات الأشهر ويكليكس Wikileaks
    عرض وثائق مهمة حينما تحدث عن برنامج التجسس “بريزم “PRISM.
    برنامج “بريزم” PRISM
    حيث كشفت الوثائق المسرّبة أن CIA كانت قادرة عبر (بريزم PRISM) على الدخول مباشرة إلى الخوادم الخاصة لكل من مزوّدي خدمات أشهر المواقع، بالإضافة إلى التواصل الإلكتروني والملفات المحفوظة داخل خوادم أجهزة الكومبيوترداخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية، فهل تعجز وكالات الاستخبارات عن اختراق أو عقد اتفاقات سرية للحصول على ما تريد؟
    3-أوضحت تقارير صحفية أن الاهتمام الاستخباراتي بمواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام، تضاعف بشكل كبير في الأعوام القليلة الماضية، بعد أن تم اكتشاف قوة الإنترنت بوصفه أداة لتجنيد الإرهابيين، واكتشاف الأجهزة الأمنية، حيث إن عددًا من منفذي هجمات إرهابية أو المنضمين لتنظيمات إرهابية تبادلوا أفكارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات MMA الأمر الذي جعل مراقبتها شيئًا أساسيًا لحماية الأمن القومي.
    هذا التفسير الثالث: ربما كان مقنعًا للبعض!
    الختام
    كل ما أملكه هو أن أنصحكم بعدم تداول كل معلوماتكم وأموركم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر تطبيقات الاتصالاتMMA المجانية أو حتى المدفوعة، فلا أحد يعرف من يحتفظ بها ولماذا.سيتحدث البعض أن تطبيقات MMA تحقق أمانًا وتشفيرًا كاملًا وتضمن سرية معلومات العملاء، كتطبيق Telegram، ولا أستطيع الجزم بما يروجون له من تشفير لا يمكن اختراقه، ومحادثات سرية لا يطلع عليها أحد، ولا يتم تخزينها… إلخ ولا أستطيع الحكم هل ما أعلنوا عنه حقيقي أم أنه وسائل دعائية فقط لجذب المستخدمين المتخوفين من الاختراقات الأمنية؟ لأسباب يطول شرحها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سأقوم بمراجعة التعليق ثم أنشره في أقرب وقت إن شاء الله